وفجأة تبدّد الضّباب، وتنفّست الحياة، وتحرّك الهواء بنسماتٍ عليلة بدّدت الخوف، وبعثتْ في روحي الحياةَ والحقيقة؛ إذِ انْشقّ الظّلام، وانْجلى عن رجُلٍ كالنّور، مَهيب الطّلعة، فغمَرَ المكانَ بهائه، وأشار بطول ذراعه اليُمنى؛ فمنَعَ دخولي القبْر، فتراجع الجميع.
وأخَذني فاحتميتُ به، ووقفت وراءه، سندًا وقوّة، وقد لبستني السّكينة والرّحمة،
ثمّ قال في النّاس بصوتٍ واضحِ الحروف، قوي الكلمات: ألَا ترَوْن؟ عزّة لم تمُتْ، منذُ متى عدتُم للجاهلية الأولى؛ فتدْفِنون البناتِ في التّراب أحياءً كأنَّهنّ عار؟