ويبقى فنُ المقامةِ فنًّا نثريًّا لا تندرِسُ معالمُه؛ ولو طغَتْ عليه الفُنونُ وراحتْ تزاحمُه، فلن تمحوَ السّنون من الذاكرةِ رُوّادَه وأعلامَه، ولن يُنكِّسَ كائنٌ راياتِه وأعلامَه، وتلكم محاولةٌ حثيثةٌ لاقتفاءِ آثار مُبدعيه، مع تجديدٍ وتبسيطٍ لا أدّعيه، من خلالِ تعَانُقٍ مع القصَّةِ واعْتلاق، وتشويقٍ لأحداثِها عبر السِّياق، بحيثُ لاتطغَى الصَّنعةُ ويتسيّدُ البديع؛ فتتشابك المعاني من القارئ وربما تضيع، ويتوقّف كثيرًا لاستجلاءِ كُنْهِها؛ فتتفلّت الأحداثُ ويخبو وهَجُها؛ لذا كانت القصةُ أساسَها، والسّلاسةُ والعذوبةُ عُمُدها، والطُّرْفةُ والمُلْحَةُ سَقْفها.