في جغرافية الحضر: منظور معاصر

منذ مطلع الألفية الثالثة، ولأول مرة في تاريخ البشرية، أصبح سكان الحضر يفوقون سكان الريف على مستوى العالم، كما أصبحت المدن ذات أهمية كبرى في توزيع السكان داخل الدول، وفي تنظيم الانتاج الاقتصادى والبناء الاجتماعى، وفي الحياة الثقافية والحضارية، وفي اعادة توزيع وممارسة القوة. ليس هذا فحسب ، بل أن عدد سكان الحضر ومستوى التحضر العالمى يتجه إلى الازدياد. وعالم الحضر المعاصر هو محصلة لثلاثة مؤثرات أساسية، أولها : أن العالم نفسه أصبح لحمة واحدة من خلال عولمة الاقتصاد والأنشطة الاجتماعية. وثانيها : النمو في حجم وانتشار المدن في اراضى جديدة، حيث لم تعد هناك إلا أجزاء يسيرة تفتقر إلى الحضر وسكانه. وثالثها: هو التحول في المجتمع العالمى، حيث أن كثيرا من السكان يقيمون ويمارسون أنماط الحياة الحضرية في مقابل تراجع الريف والتريف. تلك المؤثرات ولدت عالم الحضر المعاصر ، الذى لم يكن بهذه الصورة منذ قرن مضى.
وبعد، إن قدم المؤلف كتابه في جغرافية العمران الريفى، الذي لقى قبولا جيدًا لدى الدارسين، وحتى تكتمل معالجة جغرافية العمران، يقدم جهده الثانى في جغرافية الحضر ـ منظور معاصر. ويسعى من وراء هذا العمل إلى حصر سمات الحضر في عالمنا المعاصر، وتلمس نمو المدن وانتشار التحضر، وتفسير الخصائص البنائية للنظام الحضرى العالمى، من أجل الوصول إلي بلورة عالم الحضر، من حيث سماته والطرق التى يمكن أن يتغير بها. و تسعى فصول الكتاب إلي تقديم الجديد في الموضوع والتفسير والمصادر الأساسية وأساليب المعالجة، التى تستند إلى الأبحاث الحديثة والمادة العلمية والاحصائية الأحدث.ومن الجديد الذى تقدمه فصول الكتاب، الأساليب الكمية لقياس التحضر، والمدن الكوكبية/العالمية، ومناخ المدن وغيرها. والكتاب محاولة لتقديم بعض الجهد في ميدان جغرافية الحضر، والتى أرجو أن أقدم بها بعض الفائدة للدارسين في المرحلة الجامعية الأولى ومابعدها.
وفي الختام أتقدم بالشكر إلى كل من قدم لي يد العون في سبيل إتمام هذا العمل، كما أتقدم بوافر الشكر إلي دار النشر الموقرة وكل العاملين بها.
والله ولي التوفيق.
المؤلــف