الاقتصاد السياسي لمعجزة الصين (ثلاثية النمو- التحول الاقتصادي – القضاء على الفقر)

وصف “المعجزة” ليس للاطراء أو الاشادة، بل معجزة النمو حقيقة لها مؤشراتها. هي وصف للاقتصاد الذي يحقق زيادة سنوية في الدخل القومى بنسبة 8% لمدة عشرين عاماً الصين لم تحقق فقط المعجزة بل تفردت بتحقيق النمو الفائق” – النمو السوبر – الذي زاد على 10% سنويا لعقود. خلال العقود الثلاثة الماضية، شهدت الصين تحولين تاريخيين هما: الانتقال من مجتمع ريفي زراعي إلى مجتمع حضرى صناعى، من ناحية، والتحول من اقتصاد مدار إلى اقتصاد السوق، من ناحية أخرى ترافق التغيران في تحقيق نتائج مذهلة. لم ينطلق النمو الاقتصادى عاليا وسريعاً فحسب، بل انخفض الفقر كذلك من 65% إلى 1%، ليخرج حوالى 800 مليون فرد من براثن الفقر، وتتحقق كل أهداف الألفية للتنمية، أو فى سبيلها إلى التحقيق. اصطحب ذلك النمو السريع عدة إنجازات هامة، مثل : إثنان من أكبر عشر بنوك عالمية صينيان، 61 شركة صينية ضمن قائمة ال 500 الأغنى، داخل الصين ثاني أكبر شبكة طرق سريعة، وثالث أطول كبارى، وسادس مواني العبارات ضمن أكبر عشرة في العالم. كما حققت الصين طفرة هائلة فى مجالات الصحة، والتعليم، والتكنولوجيا، وسدت الفجوة في كافة المجالات مع الدول الكبرى. بدأت الصين انطلاقتها الاقتصادية، والسياسية، منذ ما عرف ب” الإصلاح والانفتاح” في 1978م. الصين التي نعرفها كقوة اقتصادية عظمى قد لا نعرف الكثير عن عناصر هذه القوة ومكانة الصين في الاقتصاد العالمي خلال الأربعين سنة الماضية تحولت الصين من دولة مغلقة إلى أكبر دولة متاجرة في العالم. أصبحت الصين أكبر دولة مصدرة فى العالم منذ 2009، وإجمالي تجارتها الخارجية (الصادرات والواردات ) أصبحت هي الأكبر في 2012، حيث تمثل 65% من الناتج المحلى الاجمالي، بالمقارنة مع الولايات المتحدة (21) واليابان (28%). الصين تمثل أكبر موقع انشائي في العالم، وتدير نصف الرافعات (الأوناش) الموجودة فى العالم. الشركات الصينية فى صناعة الأسمنت مثلاً تتحكم في أكثر من نصف السوق العالمية. تعمل الصين على دعم صورتها كقوة مالية عالمية وتدفع في اتجاه حصتها التسويقية فى المؤسسات الدولية مثل صندوق النقد الدولى، وتقوية عملتها كي تصبح عملة تبادل دولي. المعجزة ثلاثية الأبعاد تواجه تحديات ضخمة بحجم الانجاز تواجه من ناحية الانتقال لحالة النمو العادى، وضرورة استكمال الاصلاح خاصة الشركات العامة، والقضاء تماماً على الفقر واستمرار التحسن في مستوى المعيشة، وأخيراً طمأنة من لا يحبون الصين.