تفكيك معضلة التنمية في مصر – كيف نصنع التنمية ومن يقودها؟

يأتي كتاب الدكتور عثمان محمد عثمان وزير التخطيط الأسبق في وقت نحن في أشد الحاجة إلى هذا النوع من التحليل الرصين الذي يتعلق بأداء الاقتصاد المصري وكيفية الخروج من الأزمة الحالية. فالكاتب لا يكتفي بتحليل الوضع الحالي، وإنما يقدم إطاراً متكاملاً لكيفية ” تفكيك ” المعضلة، والبحث عن طريق الانطلاق الاقتصاد المصري نحو التنمية المستدامة. وملخص المعضلة هو لماذا لم ينجح الاقتصاد المصري في تحقيق أهدافه مع وجود الإمكانيات المتاحة لذلك. إن استقراء التاريخ الاقتصادي المصري يشير إلى سمة أساسية وهي عدم اكتمال أي تجربة من التجارب التنموية سواء في ذلك الثورة الاقتصادية التي أحدثها محمد علي، أو التحديث الذي أدخله إسماعيل باشا أو الطفرة التصنيعية التي قادها طلعت حرب وتم البناء عليها في الحقبة الناصرية، وبعد ذلك فإن التاريخ هو تاريخ ” تفكيك Deindustrialization”( التصنيع ما العمل؟ يفرد د. عثمان ستة فصول للإجابة على هذا السؤال، وهو هنا يحلل الوضع القائم في مصر بالمقارنة مع التجربة الصينية تأتي المقارنة كاشفة تحقق الصين معجزة انقاذ 800 مليون شخص من براثن الفقر، وذلك بفضل تحقيق نمو اقتصادي بمعدل 10% سنويا منذ 1978 بداية الانفتاح، وقد كانت النتيجة أن ارتفع نصيب الفرد الصيني في الناتج المحلي الإجمالي بمعدل 8.8% في الفترة 1978-2010، في حين كان معدل النمو في مصر متقلباً ويدور حول %4% في المتوسط خلال 40 سنة، ولم ترتفع نسبة الزيادة في متوسط دخل الفرد عن %2% خلال تلك السنوات. وينتهي در عثمان بالأسئلة المحورية من يصنع التنمية ؟ الدولة أم القطاع الخاص؟ والإجابة أن لكل دولة ظروفها التاريخية، وفي الصين سواء كان النظام هو الرأسمالية أو رأسمالية الدولة فهي مازالت تحقق أهداف النمو، وتواجه صعوبات التحول من القتصاد متوسط الدخل” إلى اقتصاد ذات الدخل المرتفع. أما في مصر فما زلنا نعاني من آثار “عقد التنمية الضائع، وتراجع الأداء الاقتصادي الحالي عن أحلام رؤية مصر 2030 ماذا بعد؟ يقول د. عثمان في المستقبل متوسط وطويل الأجل علينا لتفكيك معضلة التنمية حسم الاختيار بين فلسفة ودروس معجزة الصين وشرق آسيا وبين وصفة وروشتة توافق واشنجتون. لقد سعدت بالإبحار مع هذا الكتاب الذي أدعو كل متخصص أو مهتم بالشأن العام، وبصفة الخاصة صانع السياسة أن يتأمل الدروس المستفادة من هذا الجهد المخلص . د. سمير رضوان وزير المالية الأسبق.