في تشريح الهزيمة: حرب يونيو 1967 بعد خمسين عامًا

يعيد الكتاب الذي بين أيديكم قراءة حدث فاصل في تاريخ مصر المعاصرة: هزيمة يونيو 1967. خمسون عامًا  تفصلنا عن الهزيمة ولا زالت آثارها ماثلة أمامنا في كافة جوانب حياتنا، ليس فقط لأنها كانت اندحارًا عسكريًا هائلًا، وإنما كذلك لأنها – بقسوتها والصدمة الهائلة التي خلفتها – كشفت عن تداعي مشروع سياسي – اقتصادي – اجتماعي كانت قد دشنته سلطة يوليو 1952 قبلها بأكثر قليلًا من عشر سنوات.

على مدى فصول الكتاب الست، يطرح المؤلفون: بلال علاء، خالد فهمي، خالد منصور، سامح نجيب، محمد العجاتي، مصطفى عبد الظاهر؛ رؤى نقدية لجذور الحرب ونتائجها، وعلاقتها ببنية وتكوين دولة يوليو، وبالطريقة التي أدارت بها تلك الأخيرة تجربة التحديث في مصر في سنوات منتصف القرن العشرين. ولعل الافتراض الضمني الذي يشارك فيه كتاب هذا الكتاب، على اختلاف رؤاهم، هو أن الهزيمة، على الرغم من أنها فاجأت معاصريها، لم تكن حدثًا بلا مقدمات.

فالعوامل التي صنعتها نخرت في جسد مشروع يوليو على مدى السنين السابقة على الحرب. فلما كشفت الحرب الحقائق، وتغيرت التوجهات، وانقلب المشروع على ذاته، لم تتبدل البنى العميقة للدولة الناصرية، بل أعيد استخدام الهياكل نفسها لأغراض مضادة، فوصلنا إلى حال العفن الكامل الذي يتبدى في كل موقع ومجال الآن. وهكذا، فما زال يونيو 1967 يصنع حاضرنا، ولن ينصلح الحاضر إلا إذا مارسنا نقدًا جذريًا  لا هوادة فيه للماضي بأشباحه وكوابيسه.