حفظ الله الاتحاد السوفييتي: المسلمون السوفييت والحرب العالمية الثانية

بينما كان الجيش السوفييتي الأحمر يخوض حربا ضروسا ضد النازيين، وضع ستالين حدًا لالضطهاد العنيف الذي مارسته الدولة على الدين طيلة عقدين من الزمن. وفي ظل هذا التحول الجذري الذي طرأ على السياسة الدينية السوفييتية، كلف القساوسة واألئمة والحاخامات، ومن إليهم من الزعامات الدينية, بتعبئة المواطنين السوفييت لخوض «حرب مقدسة» ضد هتلر. ابتهج بعض المواطنين لذلك في حين فزع آخرون، وأفضى انقلاب سياسة ستالين نحو الدين إلى انتشار القول بأن «حربه على الدين» قد ولّى زمانها. وكانت عاقبة ذلك أن تبدلت الحياة الدينية السوفييتية تبدلا جذريًا؛ إذ أقام الجنود الصلوات في ساحات المعارك، واحتفلت القرى باألعياد الدينية التي كان االحتفال بها فيما مضى أمرًا محظورا، واستخدمت الزعامات الدينية المدعومة من الدولة مناصبها الجديدة ال في توطيد أركان سلطتها على جماعاتها فحسب، ولكن أيضًا في التماس مزيد من الحريات الدينية. وبعد، فإن هذا الكتاب «حفظ الله االتحاد السوفييتي » يقدّم إطاللة على «الثورة الدينية» في زمن الحرب فيسلّط الضوء على مسلمي االتحاد السوفييتي، مستخدمًا طائفة شتى من المصادر: الروسية والتترية والبشكيرية واألوزبكية والفارسية. ومن خالل استخالص األدلة من روايات شهود العيان، وإجراء المقابالت، واالطالع على رسائل الجنود، والقصائد التي ألقيت على الخطوط األمامية للحرب، وتقارير المفوضين السوفييت، والعرائض وااللتماسات، وخطب الزعامات السوفييتية المسلمة، يذهب جيف إيدن إلى أن الثورة الدينية أججتها الدولة وأججها المواطنون السوفييت المتدينون على حدّ سواء، في حين أخذت العناصر السوفييتية الملحدة تنظر بعين السخط إلى بروز الدين مرة أخرى في الحياة العامة.