عصافير هاربة من دق الصفيح

كانت لحظة فارقة في حياتها، فعلى حين وقفت أمام النافذة سارحة في مصيرها الغامض، لم تكن تعرف أنها رسمت لنفسها دائرة شديدة الضيق انتصبت واقفة فيها كتمثال، كل شيء سكن فيها عدا عينيها اللتين كانتا تبحثان لنفسيهما عن مخرج من هذا الأفق الذي راح يمتد أمامها، كان الأفق جامدًا لا يحركه شيء، حتى إنها حين أوغلت في لحظات تأملها المريرة، ظنت أن العصافير الهاربة من دق الصفيح في مضرب الأرز القريب سوف تصطدم به، لقد رفعت يدها إلى فوق بشكل مفاجئ كأنها تحذرها، وراحت تشبُّ على قدميها وهي تلاحقها برأسها، كأنها تتوقع سقوطها هناك واحدة وراء الأخرى.