استعمار مصر

عندما ذهب الزوار المصريون إلى المعارض العالمية في أوروبا في القرن التاسع عشر، واجهتهم محاكاة للأسواق وللقصور الشرقية. ومعروضات من سلع العالم، وحشود من المتفرجين الفضوليين، وكل «حقيقة» السلطة الامبراطورية والتباين الثقافي. وإذ يتخذ ميتشل من المعرض فكرة رئيسة وروايات المصريين نقطة انطلاق، يستكشف المناهج الخاصة للنظام وللحقيقة التي تميّز الغرب الحديث، وهو عالم يبدو كل شئ فيه منظّمًا ومرتّبًا كما لو كان شيئًا معروضًا أمام مراقب؛ زاعمًا تمثيل واقع خارجي ما، تجربة أخرى ما، حقيقة أوسع. ويفحص الكتاب سلطة وقع النظام والحقيقة هذا من خلال قراءة جديدة لأثر أوروبا االستعماري على مصر في القرن التاسع عشر. ويسلّط ميتشل الضوء على التوازي الذي حدث بين ممارسات كالتخطيط الحضري االستعماري، وبناء القرى النموذجية، وإدخال التقنيات العسكرية الجديدة، وفتح عالم »الحريم«، ومحاولة تأسيس السلطة السياسية وفق نهج انضباطي للتعليم المدرسي، ونشر الطرق الجديدة للكتابة وللالتصال. وهو يرى أن هذه الممارسات قد أدخلت إلى مصر وقع سلسلة من التعارضات بين البنية و»الشئ«، بين المفهومي والمادي، بين العقل والجسم، بين النص و»الواقع« زوّدت السلطة االستعمارية بكل من آليتها وسلطانها. وإستنادا إلى اطالع واسع على مصادر عربية وأوربية، يستكشف كتاب استعمار مصر بعض طرائق النقد التي كشفت عنها أعمال ميشيل فوكوه وجاك ديريدا. ولذا فإن الكتاب لن يجذب اهتمام باحثي تاريخ الشرق األوسط وسياسته فحسب، بل جميع المهتمين بنقد تفكيكى للحداثة.