مدينة العزلة

وقتما كان 2112 يحاول تذكر من هو، كانت 4001 ذهنها مشغولا بمعرفة من هو، حلقت أفكارهما معا في سماء المدينة القاتم. نظرت من نافذة مكتبها الصغر، المتكدس بالأوراق في كل ركن، تنتظر هطول الثلج. بعد قليل سيدخل عليها، الشخص الغريب، المألوف، صاحب الرقم المميز، يستلم عنوان منزله. بجانب كتابة تقارير المنتحرين، تسلم الأشخاص الجدد، والمنفيون، عناوين منازلهم الجديدة.

يحيك الكاتب أحمد صابر أركان عالما من صنعه، عالم الخيال المحض حيث يضفر الحكاية تلو الأخرى، مشيدا عالما عجائبيا بامتياز. هناك… في مدينة العزلة، ينتشر وباء الوحدة، ويتحول فيها ساكنيها إلى مجرد أرقام بلا أسماء، بعد حقنهم بدواء اخترعه طبيب مجنون يساعد على فقدان الذاكرة. فتتحول كل المعاني النبيلة إلى روتين آلي، يتلاشى الحب تماما ويكتسب الموت عاديته السقيمة، ويصبح الخيار الصعب بين الانغماس في الحداثة والتماهي معها أو اللجوء إلى العزلة. كلاهما مصير مفجع لا مفر منه سوى بالمقاومة وفعل لتذكر، واستنطاق الإنساني من جديد.